|
ندوة المركز العربي للأبحاث تناقش مختلف أوجه علاقات إيران بالعرب (الجزيرة نت) |
تواصلت اليوم فعاليات الندوة الفكرية التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في العاصمة القطرية حول "إيران والعرب: مراجعة في التاريخ والسياسة"، حيث انصب النقاش على علاقات إيران بالمشرق العربي والمغرب العربي وموقف الجمهورية الإسلامية من القضية الفلسطينية.
وتناول المشاركون في الجلسات الثلاث المخصصة لتلك المحاور تأثير ووزن الذاكرة التاريخية، والصور النمطية في العلاقات بين إيران والعالم العربي، وخاصة في مكونه المشرقي، حيث انتقد البعض سلبيات ما سموها "الذاكرة الانتقائية" في العلاقات بين الطرفين.
ويرى الباحث الموريتاني محمد بن المختار الشنقيطي أن الصراع على الهيمنة هو الذي يدفع إلى تسخير النظرات والتصورات المسبقة والصور النمطية التي كانت سابقة على الاختلاف المذهبي بين إيران والعالم العربي.
أما الأكاديمي السعودي محمد حامد الأحمري فيرى أن المؤثر الخارجي يلعب دور كبيرا في تحسين أو توتير العلاقات بين إيران والمشرق العربي، من خلال توظيف معطيات التاريخ القديم أو استغلال مواقف هذا الطرف أو ذلك من القضايا الساخنة في المنطقة.
وخلص الأحمري إلى أن التوتر العقائدي لا يخدم العلاقات بين الطرفين، فيما رأى الأكاديمي السوري موسى الغرير أن العامليْن القومي والمذهبي يلعبان دورا في التفرقة بين الجانبين، وهو ما يجعل العلاقات الحالية بينهما دون المستوى المطلوب.
وللتدليل على اضطراب العلاقات بين العرب وإيران توقف الأكاديمي العراقي عبد الوهاب القصاب -على غرار عدد من المتدخلين في الندوة- عند الدور الإيراني في العراق الذي يتمثل في التدخل في شتى مناحي الحياة العامة.
|
الندوة العلمية تميزت بطابع تفاعلي تمثل في المشاركة الواسعة في النقاشات (الجزيرة نت) |
إيران وفلسطينوقد تواصل النقاش بالتركيز على موقف إيران من القضية الفلسطينية حيث كانت جل المداخلات تميل عموما إلى الإشادة بدور طهران في ذلك الملف وتفسير ذلك الموقف.
وفي هذا الصدد قال الأستاذ في الجامعة اللبنانية طلال عتريس إن موقف إيران بشأن فلسطين بات مبدئيا في سياسة طهران، ويمكن استجلاؤه في الوضع الراهن من خلال معطيات عامة تتمثل أساسا في تراجع الدور الأميركي بالمنطقة، وفي تردد إسرائيل بشأن أي عدوان خارجي.
وأكد عتريس أن إيران ساهمت بشكل كبير في تراجع الدور الأميركي في المنطقة من خلال الدعم الذي تقدمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، من أجل الصمود في وجه إسرائيل والخطط الأميركية الثاوية خلفها.
أما الباحثة الأردنية فاطمة الصمادي، فقد قدمت من داخل المشهد الإيراني صورة متباينة التوجهات والملامح للمواقف المتصارعة داخل الساحة الإيرانية بشأن عدة ملفات، بينها القضية الفلسطينية والوضع في لبنان.
وخلصت إلى أن الجدل الذي طفا على السطح خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو/حزيران من العام الماضي بشأن المقاومة في فلسطين ولبنان لا يزال قائما بين التيار الرسمي الحاكم الحالي ومن سمتهم دعاة الواقعية، وتيار معاداة العرب، وتيار أولوية الداخل وتيار العلمانية.
وفي نفس المنحى يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي أنور أبو طه أن المشهد السياسي في إيران منقسم بشأن القضية الفلسطينية بين عدة تيارات، بينها التيار القومي العلماني، وتيار القطرية الإسلامية، وتيار الخط الأمام الحاكم حاليا في البلاد.
وقال أنور أبو طه إن المسألة الفلسطينية تمثل أحد مصادر الشرعية في إيران على المستويين الداخلي والخارجي، وعزا تزايد الدور الإيراني الحالي في القضية إلى الفراغ القيادي في العالم العربي، واهتزاز شرعية الأنظمة الحاكمة، وطريقة تعاطي تلك الأنظمة مع تحركات طهران في الموضوع الفلسطيني.
|
الندوة شهدت مشاركة عشرات الباحثين العرب من مختلف التوجهات (الجزيرة نت) |
إيران والمغرب العربيومن فلسطين اتجه النقاش غربا للتطرق إلى علاقات إيران بدول المغرب العربي، حيث تدخل في الجلسة أكاديميان جزائريان وأكاديمي مغربي، وأجمعوا على خصوصية تلك العلاقات بحكم البعد الجغرافي بين الطرفين والتجانس المذهبي في المنطقة المغاربية، مما يجعلها بعيدة عن التوتر المذهبي.
ولاحظ الباحث الجزائري الطاهر اعمارة أنه في ظل الجمود في هياكل "اتحاد المغرب العربي"، فإنه ليست هناك إمكانية لبلورة موقف موحد تجاه إيران التي تتعامل مع كل طرف على حدة، وتستغل قضية الصحراء الغربية لاستمالة هذا الطرف أو ذاك.
أما الأكاديمي المغربي عبد العلي حامي الدين فقد رصد المحددات الكبرى للعلاقات المغربية الإيرانية التي تعود إلى القرن السادس عشر، وتستند إلى قواسم مشتركة تتصل بالانتماء لآل البيت، وخلص إلى أنه رغم ذلك فإن تلك العلاقات مرت بفترات مد وجز، قبل أن تصل مؤخرا إلى حالة القطيعة الدبلوماسية.
وتتواصل أعمال الندوة -التي يشارك فيها عشرات الباحثين الأكاديميين العرب- صباح الاثنين بمناقشة الأمن القومي العربي، والبعد الدولي في العلاقة مع إيران، وبتخصيص جلسة حوارية تركز على السؤالين التاليين: هل تعتبر إيران تحديا أم تهديدا بالنسبة للعالم العربي؟ وهل من الممكن التوصل إلى موقف عربي من إيران؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق